السبت، 16 أبريل 2011

تاريخ المدينة المنورة الشامل ( الحاضر و الماضي )


المدينة المنورة الموقع واهميه :




وفـي هذا الإطار الجغرافي يأتي موقع منطقة المدينة المنورة في شمال غرب وسط المملكة، حيث تشمل مساحة واسعة تمتد بين خطي طول (30َ 36ْ و 15َ 42ْ شرقاً)، ودائرتي عرض (30َ 22ْ و 30َ 27ْ شمالاً)، وتبلغ مساحتها نحو 153.8 ألف كم2 وهو ما يعادل 6.72% من إجمالي مساحة المملكة.


أهمية الموقع




تتضح أهمية موقع منطقة المدينة المنورة من عدة اعتبارات استراتيجية (دينية ومكانية واقتصادية) محلية وإقليمية وعالمية وفيما يلي عرض تحليلي لأهمية الموقع.


أولاً: الأهمية الدينية
تكتسب المنطقة أهميتها الدينية من وجود المدينة المنورة، حيث المسجد النبوي الشريف الذي يؤمه ملايين الزائرين كل عام من جميع البقاع في العالم مما أعطى للمكان خصوصية خاصة ودائمة أبد الدهر. وغني عن الذكر حيث تفردت المدينة المنورة بأهميتهما الدينية في العالم الإسلامي، فالمدينة المنورة مكان رباعي الأبعاد بينما سائر الأماكن باستثناء مكة المكرمة والقدس الشريف هي أماكن ثنائية الأبعاد، بمعني أن البعد المكاني والزمني هما الأبعاد التي تحدد معالم الموقع بشكل عام، أما في حالة المدينة المنورة فيضاف إليها بعدان آخران وهما بعد الاتصال بالسماء عن طريق الوحي، أما بعدها الرابع فيرجع لارتباطها بالجنة التي أعدها الله لعبادة المؤمنين نظرا لوجود أماكن مثل جبل أحد والروضة الشريفة، لأنها بعض من الجنة كما ثبت في صحيح الأخبار المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم.
كما أن للمدينة المنورة أفضلية خاصة تمتد لتشمل العديد من العناصر مثل التراب والزرع والصاع والمد، وأيضاً قد تلحق الأفضلية والخصوصية بما داخلها من شجرها وصيدها في حدود الحرم، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم حث على سكناها، لذلك فقد اكتسبت المدينة المنورة أهميتها منذ أن حل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجراً منذ ما يزيد على أربعة عشر قرناً من الزمان، مما أضفى عليها وعلى نطاقها الجغرافي أهمية خاصة ومتفردة. 


ثانياً: الأهمية المكانية
ترجع الأهمية المكانية لمنطقة المدينة المنورة إلى أنها تتوسط العالم الإسلامي بالإقليم الغربي من المملكة العربية السعودية، ومنذ القديم وقبل الإسلام كان لموقع المدينة المنورة أهمية خاصة على طريق القوافل الدولي القديم (البخور) والذي يربط جنوب الجزيرة العربية ببلاد الشام، حيث تميز الموقع بوفرة الموارد المائية وخصوبة التربة، وتميزها بالحصانة الطبيعية، وبعد توطن الإسلام بها وانتشاره خلال ربع قرن من الزمان تحولت أهمية موقع المدينة من محطة تجارية إلى عاصمة سياسية لدولة متراًمية الأطراف تمتد من بلاد فارس شرقاً حتى مصر غرباً، ورغم تحول وظيفتها السياسية كعاصمة للدولة الإسلامية حتى نهاية عصر الخلفاء الراشدين وانتقال العاصمة إلى الكوفة ثم دمشق ثم بغداد إلا أنها ظلت محتفظة بأهميتها الدينية لكونها البقعة المقدسة التي يشد إليها الرحال من قبل المسلمين لزيارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قبره الشريف وصاحبيه رضي الله عنهما.
ومن العوامل التي أكدت الأهمية الاستراتيجية لموقع المدينة المنورة قيام الدولة العثمانية في الماضي بربطها ببلاد الشام بخط سكة حديد عام 1326هـ ، مما ساعد على انتعاش الأحوال الاقتصادية وسهولة اتصالها بالعالم الخارجي، غير أن ما أصاب خط السكة الحديد من تخريب خلال الحرب العالمية الأولى عام 1332هـ (1914-1917م) أدى إلى تضاؤل أهمية الموقع مرة أخرى.



واستمر الحال إلى قيام المملكة العربية السعودية عام 1351هـ، حيث بدأت عصراً من الازدهار والتطور ويرجــع السبب في ذلك ليس لأهمية الموقـع الجغرافي فقط بل إلى سياسة الدولة في التوظيفات المالية الضخمة لمشاريع التنمية وبصفة خاصة في المدينة المنورة التي كان لها نصيب كبير من خطط التنمية الخمسية خلال العقود المنصرمة.


ومن العوامل التي تزيد من أهمية الموقع الجغرافي للمنطقة ارتباطها بباقي مناطق المملكة بعدد مــن محاور الطرق الإقليمية، فقد وجد باستخدام طريقة مصفوفة الترابط (Binary Connection Matrix ) أن المدينة المنورة تأتي في المرتبة الأولى بين جميع مدن المملكة من حيث درجة اتصالها، ويلاحظ أن المدينة المنورة تربطها محاور الحركة الإقليمية ليس بداخل المملكة فقط بل بالدول الأخرى مثل الأردن وسوريا وتركيا ومصر وكذلك دول الخليج العربي، كما أن قرب الموقع من مكة المكرمة يمثل أهمية خاصة للموقع المكاني لمنطقة المدينة المنورة لارتباط المدينتين المقدستين منذ بزوغ فجر الإسلام ببعضهما.


ثالثاً: الأهمية الاقتصادية
تمثل منطقة المدينة المنورة أهمية خاصة في الاقتصاد الوطني، فهي تشمل عددا من الأنشطة الاقتصادية ومن أهمها الأنشطة الصناعية حيث توفر المدينة المنورة مركزاً للصناعات المتوسطة والصغيرة في حين توفر ينبع مركزاً للصناعات الكبيرة وأحد أهم المراكز الصناعية على المستوى الوطني، كما يعد النشاط التعديني من أهم الأنشطة الاقتصادية التي أبرزت أهمية المنطقة اقتصاديا حيث يوجد بمنطقة المدينة المنورة واحد من أهم مناجم الذهب بالمملكة، كما تمثل المدينة المنورة أحد المراكز التجارية الرئيسة نظراً لوجود المسجد النبوي الذي يؤمه ملايين الزائرين وخاصة في موسمي الحج والعمرة مما يشكل رواجاً تجارياً هاماً بالمنطقة بصفة خاصة وعلى المستوى الوطني بصفة عامة، ومن الأنشطة الاقتصادية الهامة بالمنطقة القطاع الصناعي والزراعي والثروة الحيوانية والسمكية وقطاع السياحة وقطاع التعدين والاستخراج.
.................................................. .................................................. .................................................. ........................


تاريخ المدينة المنورة


كانت المدينة المنورة قبل هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها تسمى (يثرب)، وقد ورد هذا الاسم في القرآن الكريم في قوله تعالى على لسان بعض المنافقين: (وإذ قالت طائفة منهم: يا أهل يثرب لا مقام لكم ) (سورة الأحزاب … الآية 13) وورد في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير اسمها من يثرب إلى المدينة، ونهى عن استخدام اسمها القديم فقال: (من قال للمدينة (يثرب) فليستفغر الله... مسند الإمام أحمد 4/285). كما ورد اسمها الجديد في القرآن الكريم ثلاث مراتٍ هي قوله تعالى: (وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق ) (سورة التوبة الآية 101) وقوله تعالى: (ما كان لأهل المدينة ومن حولهم أن يتخلفوا عن رسول الله ) (سورة التوبة الآية 120)، وقوله تعالى: (يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل) ( سورة المنافقون الآية 8)، وسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسماء أخرى في عدد من الأحاديث النبوية، أهمها: (طابة وطيبة) وربما يكون سبب تغيير اسمها القديم دلالته اللغوية المنفرة؛ فكلمة يثرب في اللغة مشتقة من التثريب. ومعناه اللوم الشديد أو الإفساد والتخليط (لسان العرب ـ مادة ثرب) وقد شاع اسم يثرب قديماً.


ووجد في نقوش وكتابات غير عربية فظهر في جغرافية بطليموس اليوناني باسم يثربا (YATHRIPA)، وفي كتاب اسطفان البيزنطي باسم يثرب (YATHRIP)، وظهر اسمها في نقش على عمود حجري بمدينة حران (اتربو)، (ITRIBO )
.................................................. .................................................. .................................................. ........................


المؤسسون


تجمع معظم المصادر العربية على أن (يثرب) اسم لرجل من أحفاد نوح عليه السلام ، وأن هذا الرجل أسس هذه البلدة فسميت باسمه، ومن الشائع في الحضارات القديمة أن تسمى المدن باسم مؤسسها مثل الإسكندرية نسبة للإسكندر.


وتختلف المصادر العربية في عدد الأجيال التي تفصل (يثرب) عن جده (نوح) عليه السلام، وفي بعض أسماء سلسلة الآباء والأبناء، فبعضها يجعل (يثرب) في الجيل الثامن بعد نوح، فهو (يثرب بن قاينة بن مهلائيل بن إرم بن عبيل بن عوض بن إرم بن سام بن نوح). وبعضها الآخر يجعله في الجيل الخامس (يثرب بن عبيل بن عوض بن إرم بن سام بن نوح).



ولهذا الخلاف أثر في تقرير أية قبيلة سكنت يثرب أول الأمر، هل هي قبيلة عبيل، أم قبيلة العماليق، ولكن المؤرخين يتفقون على أن القبيلتين سكنتا يثرب على التوالي ويختلفون من هي الأسبق. والأرجح أن قبيلة عبيل هي الأسبق. ثم جاء العماليق فأخرجوهم منها وسكنوها. 


وتروي المصادر العربية عدة روايات لسبب تأسيسها أهمها:


1 ـ أن أبناء نوح بعد الطوفان تكاثروا ولم تعد المنطقة التي نزلوها تكفيهم فخرجت مجموعات منهم تبحث عن موطن جديد. ووصل فرع (عبيل ) بقيادة (يثرب) إلى هذا الموضع ووجدوا فيه الماء والشجر والجبال البركانية التي تحيط به وتشكل حماية طبيعية لمن يسكنه فأعجبهم واستوطنوا فيه.


2 ـ أن أحد أحفاد نوح عليه السلام (واسمه نمرود بن كوش بن كنعان بن نوح) دعا قومه إلى عبادة الأوثان، فاستجابوا له فعاقبهم الله وخرجوا من بابل وتفرقوا في جهات مختلفة. ووصل فرع عبيل إلى هذه المنطقة.



3 ـ أن العماليق من أحفاد نوح عليه السلام خرجوا من بابل واستوطنوا منطقة تهامة إلى مكة وبقوا فيها إلى زمن ملكهم السميدع، ثم جاءت قبيلة جرهم فأخرجتهم من المنطقة وسكنت في منطقة مكة، وجاءت مجموعة منهم تسمى (عبيل) بقيادة يثرب واستوطنت المنطقة وبنت المدينة التي سميت باسمه.


وهكذا اتفقت المصادر المختلفة على أن تأسيس يثرب كان على يد رجل يتزعم مجموعة بشرية، هاجرت من موطنها الأصلي ـ بابل في الرواية الأولى، وتهامة في الرواية الثانية، وقسم من الحجاز في الرواية الثالثة ـ تبحث عن موطن جديد يوفر لها حياة كريمة، وأن هذه المجموعة وجدت في هذا الموقع أرضاً خصبة، وشجراً كثيفاً، وماءً وفيراً، ووجدت أن هذا الموقع أيضاً يوفر لها قدراً من الحماية الطبيعية، فاستقرت فيه، وحولته إلى مدينة، وسمته باسم زعيمها (يثرب).
.................................................. .................................................. .................................................. ........................


بدايـة التأسيس


من المستحيل أن نجزم بسنة محددة نؤرخ بها تأسيس يثرب، فنحن لا نعرف على وجه اليقين كم من القرون تفصل بين نوح والهجرة النبوية وما ذكره بعض المؤرخين روايات شفهية لا تستند إلى دليل مرجح.. وكل ما يمكن أن نتوقعه هو أنه حدث في عهود سحيقة على أيدي أمم انقرضت، فعبيل أو العماليق، هي من الأمم البائدة، وليس لدينا آثار تساعدنا على تحديد فترة زمنية معينة للتأسيس. ويضع بعضهم تاريخاً تقريبياً يمتد إلى 1600 سنة قبل الهجرة النبوية اعتماداً على أن قبيلة عبيل كانت تتكلم العربية، وأن اللغة العربية وجدت في ذلك التاريخ. ويقترب هذا التحديد من الزمن الذي وجدت فيه كلمة (يثرب) في الكتابات التاريخية عند غير العرب وفي بعض النقوش المكتشفة. فقد ورد اسم يثرب في الكتابات عند مملكة (معين) وذكرت بين المدن التي سكنتها جاليات معينية. ومن المعروف أن المملكة المعينية قامت في جزء من اليمن في الفترة ما بين1300 و600 قبل الميلاد. وامتد نفوذها في فترة ازدهارها إلى الحجاز وفلسطين. وعندما ضعف سلطانها كونت مجموعة مستوطنات لحماية طريق التجارة إلى الشمال. وكان هذا الطريق يمر بيثرب. 
ويتفق هذا التاريخ التقريبي أيضاً مع التاريخ الذي يذكره المؤرخون لوجود العماليق وحروبهم مع بني إسرائيل في شمال الجزيرة العربية وسيناء
.................................................. .................................................. .................................................. ........................


فضائل المدينة





لقد نالت المدينة المنورة حبا كبيرا من النبي ـ صلّى الله عليه وسلم ـ وكانت لها المكانة العالية الجلية في قلبه ، هذا مما جعل المسلمون يكنون لها كل الحب محبة لله ورسوله وإتباعا للسنة المطهرة ، لأن الله تعالى قد فرض علينا أن نحب ما كان يحبه الرسول ـ صلّى الله عليه وسلم ـ . ذكر في تاريخ البخاري قول النبي صلى الله عليه وسلم ( من قال يثرب مرة فليقل المدينة عشر مرات ) . ومن الأسماء المحببة لها (طابة) فعن سهل بن سعد عن أبي حميد رضي الله عنه قال : أقبلنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من تبوك حتى أشرفنا على المدينة فقال : ( هذه طابة ) ومن الأسماء التي عرفت بها أيضا (الدار ، والمحفوظ، وطيبة والحبيبة، ودار الفتح ودار السنة وغيرها ) ولكل من الأسماء التي وردت من المعاني التي اشتملت عليها التسمية.
وللمدينة المنورة فضائل خصها بها الله تعالى منها : روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ( على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال ). وقال صلى الله عليه وسلم ( ليس من بلد إلا سيطؤها الدجال إلا مكة والمدينة ، ليس نقب من أنقابها إلا عليه ملائكة صافين يحرسونها فينزل السبخة ، ثم ترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات فيخرج إليه كل كافر ومنافق )
.................................................. .................................................. .................................................. ........................


حرمة المدينة :





قال صلى الله عليه وسلم ( إن ابراهيم حرّم مكة ودعا لها ، وإني حرمت المدينة كما حرّم إبراهيم مكة ) وروى مسلم ( حرّم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين لابتي المدينة ) قال أبو هريرة ( لو وجدت الظباء ما بين لابتيها ما ذعرتها وجعل اثني عشر ميلا حول المدينة حمى) . عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( اللهم إن إبراهيم حرّم مكة فجعلها حراما ما بين مأزميها أن لا يراق فيها دم ، ولا يحمل فيها سلاح لقتال ، ولا يحبط فيها شجرة إلا لعلف ).
.................................................. .................................................. .................................................. ........................



مجاورة المدينة و الإقامة فيها:


قال صلى الله عليه وسلم ( لا يصبر أحد على لأوائها وجهدها ، إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة ) ، هذا يدل على المكانة العظيمة التي اختصت بها المدينة المنورة عن سائر البلدان والمدن ، وإلا لما كان النبي صلوات الله وسلامه عليه قد خصها بهذه المكانة في أن الصابر على التعايش بين ظروفها التي تمر به في هذه الحياة ، إلا وكان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ شفيعا أو شهيدا له يوم القيامة .
فقد ثبت أن الإقامة والمجاورة فيها لها من الخصال التي لا تعد ولا تحصى ومن الصفات التي يحملها طالب العيش فيها، ألا وإن الذين يطلبون العيش فيها ومجاورتها قد خصهم بذلك النبي ـ صلى الله عليه وسلم . عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( من جاء مسجدي هذا لم يأته إلا بخير يتعلمه أو يعلمه ، فهو بمنزلة المجاهد في سبيل الله ، ومن جاء لغير ذلك فهو بمنزلة الرجل جاء ينظر إلى متاع غيره ). فقد حرص الرسول الكريم عليه أتم الصلاة وأفضل التسليم على أن يكون القادم إلى هذه المدينة طالبا للعلم أو متعلمه كي تحصل له الدرجات العظيمة و تكتب له المنزلة العظيمة التي يحصل عليها المجاهدون في سبيل الله تعالى .
.................................................. .................................................. .................................................. ........................


بركة المدينة :


ثبت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه دعا لأهل المدينة المنورة بزيادة البركة في مدهم وصاعهم ، وقد أنجز له الله تعالى ما وعده ودعاه به ، فحصلت البركة من الله تعالى نتيجة لهذا الدعاء الطيب المبارك الطاهر من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم .وقد ثبت في الحديث الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم قوله في ذلك ( إني دعوت في صاعها ومدها بمثلي ما دعا به إبراهيم لأهل مكة). عن أبي طوالة بن عامر بن سعد عن أبيه ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( من أكل سبع تمرات ما بين لابتيها حين يصبح لم يضره سم حتى يمسي )


.................................................. .................................................. .................................................. ........................


حفظ الله تعالى للمدينة :


الدجال لا يدخل مكة والمدينة ، ففي الصحيحين من حديث أنس مرفوعا ( أن الدجال لا يطأ مكة ولا المدينة ، وأنه يجيئ حتى ينزل في ناحية المدينة فترجف ثلاث رجفات فيخرج إليه كل كافر ومنافق ) . وفي الصحيحين ( ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال إلا مكة والمدينة ). ومن الناحية الصحية والأوبئة التي تصيب الناس والبلدان فقد دعا لها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لشفاء الناس في المدينة من الحمى والأمراض، فقال صلى الله عليه وسلم حينما أصاب الناس الوباء ( اللهم انقل وبائها إلى الجحفة ). ورد عن موسى بن عقبة ، عن سالم عن أبيه قال: سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول ( رأيت في المنام امرأة سوداء ثائرة الشعر أخرجت من المدينة فأسكنت في مهيعة الجحفة تأولتها بأن وباء المدينة ينقله الله إلى مهيعة ، وكانت الجحفة يومئذ دار شرك ). والطاعون لايدخل المدينة ، قال صلى الله عليه وسلم ( على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال ) . وفي رواية من حديث ( لا يقربها الدجال ولا الطاعون إن شاء الله )
.................................................. .................................................. .................................................. ........................


خصائص المدينة :


للمدينة المنورة خصائص خصها الله تعالى بها عن سائر المدن ، حيث سكنت فيها روح النبي الطاهر الأمين صلوات الله تعالى وسلامه عليه ، وهي المركز الأول لانطلاق الدعوة إلى الله تعالى ودعوة الناس إلى الدين الحق، والهداية المنجية من النار ، وتضم بين جنباتها أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الصحبة الطاهرة التي واصلت الدرب مع رسول الله في كل الأوقات ، ونصرته على الكفرة المعتدين بإذن الله تعالى ، وبناء عليه ترى أن العالم كله يتجه بإحساسه نحو تلك البقعة المكرمة من الأرض التي أكرمها الله عز وجل عن سائر البلدان في العالم 
.................................................. .................................................. .................................................. ........................


حب النبي صلى الله عليه وسلم للمدينة : 


ثبت حب النبي صلى الله عليه وسلم للمدينة المنورة عن سائر المدن ، وقد أوصانا الله عز وجل بحب ما كان النبي عليه الصلاة والسلام يحبه، وفي هذا محبة للرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ، فكيف لا! وهي البلد التي رعت مهد الإسلام ونما فيها حتى أصبح اليوم بفضل الله تعالى يجوب مشارق الأرض ومغاربها . واحتضن أهلها النبي الكريم ونصروه ونصروا إخوانهم من المهاجرين ، محبة لله تعالى ورسوله ونصرة لهذا الدين الكريم . قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( اللهم حبّب إلينا المدينة كحبنا لمكة أو أشدّ ).وصح عنه صلى الله عليه وسلم دعوته للمدينة وأن ينزّل الله تعالى البركة فيها ولأهلها فقال صلى الله عليه وسلم ( اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما جعلت بمكة من البركة ). وأخرج مسلم قول النبي صلى الله عليه وسلم ( الله بارك لنا في مدينتنا وفي ثمارنا وفي مدنا ، وفي صاعنا بركة مع بركة )


.................................................. .................................................. .................................................. ........................


استحباب الموت في المدينة :


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت بها ، فإني أشفع لمن يموت بها ). ففي هذا الأمر والقول الصريح لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، يبين صراحة على المكانة العالية التي تتمتع بها المدينة عن سائر البلدان والمدن، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحقق الشفاعة فيمن يموت بها، ويا لها من مكانة عالية اختصت بها هذه المدينة المباركة من دعوات الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وبركات الله عز وجل لها وتحقيقه فيها وعده.


.................................................. .................................................. .................................................. ........................


آداب الإقامة في المدينة :


مما لا شك فيه أن للمدينة المنورة حرمة وآداب على المقيم بها أن يلتزم بها، ويبذل المستطاع من العمل الطيب المبارك الذي يحمد فاعله ويؤجر إن شاء الله تعالى ، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد الناس حبا للمدينة تأدبا في المعاملة معها حينما يكون فيها ، كيف لا ! وهو الذي قال فيه ربنا عز وجل ( وإنك لعلى خلق عظيم ) . فالأحرى بنا ـ نحن المسلمين ـ من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم أن نتبع سنته في التأدب التام مع هذه المدينة التي كانت لها المكانة العالية في قلب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ، ومن هذا المنطلق فإنه يكون لزاما على كل مسلم يقصدها أن يكون مجتهدا في بذل المستطاع على أن يكون طالب علم أو معلما كما قال نبينا الحبيب صلى الله عليه وسلم، وأن لا يكون محدثا فيها أو آويا لمحدث في هذا الوعيد من الله ورسوله، كما قال صلى الله عليه وسلم ( من أحدث فيها حدثا ، أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ) . فكن أخي في الله مطيعا لله ورسوله محبا لما أحبه الرسول الكريم متمشيا مع السنن التي ارتضى لنا أن نكون عليها ، فوالله إن فيها الخير كل الخير وما سواها الشر كل الشر. والمدينة بذلك قرة عين المسلم يسعى لزيارتها والمحافظة على تلك الزيارة إن قدّر له الله بهذا الأمر عند الاستطاعة ، ويتجمل بما تجمل به رسولنا الكريم من الأخلاق العالية الرفيعة التي هي منال الفرد والجماعة في المجتمع الاسلامي أسوة برسولنا الكريم وطلبا لطاعة الله ونوال الدرجات العليا.


.................................................. .................................................. .................................................. ........................


المسجد النبوي الشريف:





هو من المساجد التي يشد الرحال إليها ، كيف لا ! وهو المسجد المبارك الذي أسس بنيانه النبي الكريم صلوات الله تعالى وسلامه عليه ، وقد بنى يدا بيد مع المسلمين بناؤه الطاهر ، وهو مركز الدعوة الأولى إلى الله تعالى ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ، مسجدي هذا والمسجد الأقصى والمسجد الحرام ). روى ابن حبان وأحمد الطبراني بسند حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( خير ما ركبت إليه الرواحل مسجدي هذا والبيت العتيق ). وأفضل ما في المسجد النبوي الشريف الروضة الشريفة قال صلى الله عليه وسلم ( ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ). وروى أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قول النبي صلى الله عليه وسلم ( بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ، ومنبري على حوضي ). وروى أحمد عن سهل بن سعد مرفوعا ( منبري على ترعة من ترع الجنة )) ، وفيه المحراب والمنبر والأساطين وأيضا من الأماكن المفضلة الحجرة النبوية الشريفة ، وهي الحجرة التي سكنها النبي الكريم صلوات الله تعالى وسلامه عليه وأزواجه المطهرات وتقع الحجرة بجوار مسجده صلى الله عليه وسلم وفيها قبره عليه الصلاة والسلام وقبر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.



وعلى الزائر الذي ينوي الوقوف بقبر النبي عليه الصلاة والسلام أن يأتي بالآداب التي تليق بصاحب هذا القبر العظيم محمد صلى الله عليه وسلم ، من سكينة ووقار تصاحب ترحاله إلي المكان ، وعليه أن يكون جميل المظهر بزيارة النبي عليه الصلاة والسلام وأن يصلي عليه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أثناء ذلك ، كما يصلي ركعتين تحية للمسجد ثم يتوجه للقبر الشريف مستقبلا له مستدبرا للقبلة، فيسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته – وإن أراد الزيادة على ذلك قال : السلام عليك يا نبي الله ، السلام عليك يا خير خلق الله ، السلام عليك يا حبيب الله ، السلام عليك يا سيد المرسلين ، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله - ثم يتأخر نحو ذراع إلى الجهة اليمنى فيسلم على أبي بكر الصديق ويتأخر نحو ذراع آخر فيسلم على عمر بن الخطاب رضي الله عنهما – وعند الدعاء يستقبل القبلة ويدعو لنفسه وللمسلمين ، وعلى الزائر أن يتحاشى البدع كالتمسح بالحجرة أو تقبيل الجدران لما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تجعلوا قبري عيدا ، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم ) . وعلى الزائر أن يكثر من الدعاء والتلاوة في الروضة الشريفة


.................................................. .................................................. .................................................. ........................


تاريخ الحرم النبوي


تأسيس المسجدوالقبلة إلى بيت المقدس(سنة 1هـ)


وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قباء، مهاجراً من مكة المكرمة في 12 ربيع الأول، من عام 622م. وبعد أن مكث فيها عدة أيام، توجه على ناقته القصواء إلى المدينة المنورة، تحفه جموع المسلمين من المهاجرين والأنصار، فبركت الناقة في أرض ليتيمين من بني النجار تقع في وسط المدينة، فاشتراها رسول الله صلى الله عليه وسلم منهما.
وكان في الأرض قبور للمشركين وخِرَب ونخل، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبور المشركين فنبشت، وبالخرب فسويت، وبالنخل فقطع.
واختار رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه البقعة لتكون مسجداً يجتمع المسلمون فيه لأداء صلواتهم وعباداتهم، وشرع مع أصحابه في بنائه، فاستغرق ذلك عدة شهور، وكان اتجاه القبلة يومئذ إلى بيت المقدس في الجهة الشمالية منه.
كان بناء المسجد من اللَّبِن وسعف النخيل، وأما سقفه فمن جذوع النخل، وقد بلغ طوله:35م، وعرضه: 30م، وارتفاع جدرانه: ، ومساحته الكلية: 1060م2 تقريباً، وله ثلاثة أبواب: 
الباب الأول: في الجهة الجنوبية.
الباب الثاني: في الجهة الغربية، ويسمى باب عاتكة، ثم أصبح يعرف بباب الرحمة.
الباب الثالث: من الجهة الشرقية، ويسمى باب عثمان، ثم أصبح يعرف بباب جبريل.
وكانت إنارة المسجد تتم بواسطة مشاعل من جريد النخل، توقد في الليل.



تحويل القبلة(سنة 2هـ)
صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من المسلمين إلى بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر أو ثمانية عشر شهراً، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه أن تكون قبلته إلى الكعبة قبلة أبيه إبراهيم عليه السلام.
وكان يكثر الدعاء والابتهال إلى الله عز وجل من أجل ذلك، فاستجاب الله له، قال تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ في السَّماء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا، فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المسجدِ الحرامِ وحيثُ ما كُنْتُم فَولُّوا وجوهَكُم شَطْرَه، وإِنَّ الذين أُوتُوا الكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أنه الحقُّ من ربهم، وما اللهُ بغافلٍ عَمًّا يعملون} [البقرة: 144].


وكان ذلك ـ حسب أغلب الروايات ـ في شهر رجب من السنة الثانية للهجرة.
ويروى أن ذلك كان في صلاة ظهر، وقد صلى الرسول صلى الله عليه وسلم مع أصحابه ركعتين، فلما نزلت آية تحويل القبلة استدار مع المسلمين تجاه الكعبة وصلى الركعتين الباقيتين، وكانت صلاة العصر من هذا اليوم أول صلاة كاملة صلاها تجاه الكعبة المشرفة. 
وبعد تحويل القبلة قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإجراءات اللازمة في مسجده الشريف، فأغلق الباب الكائن في الجدار الجنوبي ـ جدار القبلة الحالية ـ وفتح بدلاً منه باباً في الجدار الشمالي ـ جدار القبلة سابقاً. 
وفي تحول المسلمين إلى الكعبة وانصرافهم عن بيت المقدس طعن السفهاء من المشركين وأهل الكتاب وقالوا: ما وَلاَّهم عن قبلتهم التي كانوا عليها؟ فنـزل قوله تعالى: {سيقول السفهاءُ من الناس ما وَلاَّهُم عن قبلتهم التي كانوا عليها قُلْ لله المشرقُ والمغربُ يهدي مَنْ يشاءُ إلى صراطٍ مستقيم} [البقرة: 142].


.................................................. .................................................. .................................................. ........................



المعالم الأثرية للمدينة المنورة




تتميز منطقة المدينة المنورة بآثارها الموغلة في القدم ومعالمها التاريخية والعمرانية المتنوعة، وقد أكسبها موقعها الجغرافي عبر القرون أهمية خاصة حيث تسلكها طرق التجارة والحج بالإضافة إلى أنها منطقة جذب للاستقرار البشري بسبب توفر المراعي والواحات والسهول الساحلية والمواد الطبيعية وعلى وجه الخصوص المعادن الثمينة وبالتحديد مناجم الذهب والفضة والنحاس، وإذا كانت منطقة المدينة المنورة ذات شهرة من فترة ما قبل الإسلام بسبب نشوء مدينة يثرب وهجرات القبائل إليها، فقد زادت شهرتها بعد الهجرة النبوية الشريفة وأصبحت طيبة أو المدينة منطلق الدعوة للدين الإسلامي الحنيف وعاصمة الخلافة الإسلامية. ويصعب حصر المواقع الأثرية والمعالم التاريخية والعمرانية بالمنطقة نظراً لسعتها الجغرافية وتنوع طبوغرافيتها ومعالمها الطبيعية.
وما تم كشفه وحصره وتوثيقه من مواقع أثرية ومعالم تاريخية حتى الآن يدل على العمق الحضاري والبعد التاريخي للمنطقة ، على أن الحصر الشامل لجميع الآثار بالمنطقة يحتاج إلى عشرات السنين بل إن بعض الآثار يصعب الاهتداء إليها إلا بالصدفة أو نتيجة لعوامل الطبيعة مثل الأمطار والسيول والعواصف التي تكشف عن الآثار المخفية تحت طبقات الرمال أو نتيجة لأعمال 
المشاريع الإنمائية من طرق وخدمات ونحو ذلك.

تتمة للموضـوع على هذا الرابطـ 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق